درجات الجنة
يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه، عند البخاري ومسلم : {إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب، لتفاضل ما بينهم } متفقٌ عليه، والغرف: عند بعض أهل العلم، أنها تجري في السماء، الآن يقول: اكتشف -وهي معروفة لديكم من عشر سنوات- فنادق تدور في الأربع والعشرين ساعة على الساحل، وفنادق تسير على البحر؛ أما القصور في الجنة فهي تمر مر السحاب، قصور كالقرى الكاملة أو كالمدن تمر في سماء الجنة لأن للإنسان كملك أقلهم كعشرة أمثال الدنيا، فقصوره تمر في السماء وهو ساكنٌ فيها، فأهل الغرف ينظر إليهم الذين في ربض الجنة كما يتراءون الكوكب الدري الغابر -البعيد في السماء- لتفاضل ما بينهم، في الجنة مائة منزلة -مائة درجة- كما في حديث أبي سعيد في البخاري {بين الدرجة والأخرى كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله } ولذلك أهل الجنة ثلاثة: سابقٌ بالخيرات، ومقتصد، وقد يدخل المسلم الظالم لنفسه برحمة الله لحديث: {أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان } فيبقى في ربض الجنة.
لكن هل ترضى همتك أن تكون في ربض الجنة؟ أتعد من يصلي الخمس فقط بمن يصلي الخمس ويقوم الليل ويتنفل، ويتدبر القرآن، ويجاهد نفسه على طاعة الله ويبذل ماله ويصدق مع الله؟ لا سواء؛ كما قال تعالى: هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [آل عمران:163].......
خيام أهل الجنة
في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي موسى قال: قال عليه الصلاة والسلام: {إن للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدةٍ مجوفة، طولها في السماء ستون ميلاً، له في كل ناحيةٍ أهلون وأبناء لا يرى بعضهم بعضاً } هذا الحديث متفقٌ عليه، ولم يروه البخاري فحسب، بل رواه مسلم معه عن أبي موسى ، وهذه الخيام غير القصور والغرف والمنازل، ففي الجنة جوائز لا يعلم كنهها ولا سرها إلا الواحد الأحد، فنسأل الله الذي اجتمعنا في محبته أن يدخلنا هذه الخيام.......
شجــر الجنــة
قال عليه الصلاة والسلام -والحديث في البخاري -: {إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها } شجرة واحدة يقطعها في مائة سنة! وفي لفظٍ صحيح: {الراكب المجد على فرس يسعى بالفرس مائة عام لا يقطع ظلها } فلا إله إلا الله من عيش ما أرغده وما أحسنه! نسأل الله أن يجلسنا تلك المجالس.......
طعــام أهـل الجنـة
ذكر عليه الصلاة والسلام، في حديثٍ رواه مسلم : {أن أهل الجنة لا يبولون، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون، ولا يهتمون ولا يحزنون، قال الصحابة: يا رسول الله! فما بال الطعام؟ قال عليه الصلاة والسلام: جشاءٌ ورشحٌ كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس } ما أحسن الكلام! رشحٌ كالمسك، فتخرج فضلات الطعام كالمسك؛ فإذا هو أذفر وأحسن وأشذى وأذكى وأزكى من المسك.......
نساء أهل الجنة
صح عنه صلى الله عليه وسلم: {أن لكل مؤمن في الجنة زوجة جميلة حسناء، يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة من حسنها وصفائها } وهذا نعيمٍ آخر لا يعلمه إلا الله، والمسلمة في الدينا تتزوج بزوجها، وهذا من أقوال أهل السنة ، ومن لم ترضَ زوجها أو لم يرضها، أبدلها الله بزوجٍ خيرٍ منه في الجنة وأبدله زوجةً خيراً منها في الجنة، ومن كان له عدة زوجات إذا رضينه تزوجنه جميعاًَ، وهذا من النعيم الخالد: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21].......
سوق أهل الجنة
فعند مسلم عن أنس : {إن في الجنة سوقاً يدخله المؤمنون فتهب عليهم ريح الشمال، فتنثر في وجوههم المسك، فيزدادون حسناً وجمالاً إلى حسنهم وجمالهم، فيعودون إلى أهلهم ونسائهم، فيقلنَ: والله لقد ازددتم حسناً وجمالاً إلى جمالكم وحسنكم، فيقولون لهم: وأنتم أيضاً، والله لقد أزددتم حسناً وجمالاً إلى حسنكم وجمالكم } رواه مسلم عن أنس وقد ذكره ابن القيم في أبياتٍ لطيفة يذكر فيها غناء أهل الجنة، يقول:
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الإنسان كالنغمات بالأوزان
يا خيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدانِ
يقول: يا آذاناً تريد رحمة الله لا تتعوضي بالموسيقى والغناء المحرم الذي يفسد القلب ويضيعه ويبعده عن الله.
ومن أعظم الكرامات:نظر أهل الجنة إلى ربهم، وهذا من عقيدة أهل السنة قال سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23] ويقول سبحانه: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15] قال الشافعي رحمه الله: لما حجب أهل المعصية دل على أن أهل الطاعة يرونه، واتفق الشيخان من حديث أبي هريرة أنه قال: {قال الصحابة: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضامون -أو تضارون- في رؤية القمر ليلة البدر؟! قالوا: لا. قال: هل تضامون -أو تضارون- في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم سترون ربكم يوم القيامة!! } وفي حديث آخر: {كما ترون القمر ليلة البدر } فنسأل الله أن يرينا وجهه!
وهي الزيادة، قال ابن تيمية : إذا ذكر الله الزيادة في القرآن فهي النظر إلى وجهه الكريم.
وفي حديث صهيب عند مسلم : {أن الله يقول لأهل الجنة: أتريدون نعيماً؟ قالوا: يا رب! وماذا نريد وقد بيضت وجوهنا وأرضيتنا؟! قال: فإن لكم عندي موعداً لا تخلفونه، قال: فيكشف الحجاب عن وجهه فينظرون إليه فما يرون لذةً أعظم من ذلك }.
وفي الصحيحين في قصة الجبة التي أهديت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ولمسها الصحابة، قال: {أتعجبون من هذه؟! لمناديل سعد في الجنة خيرٌ من هذا }.......