هذا البحث اعددته انا وصديقتي ارجو ان تستفيدوا منه
المبحث الأول: مفاهيم أولية حول التضخم
المطلب الأول: تعريف التضخم
هناك عدة تعار يف لظاهرة التضخم أبسطها وأكثرها وضوحاً ما يلي:
التضخم هو الارتفاع المستمر والملموس في المستوى العام للأسعار
يُقصد بالتضخم ارتفاع المعدل العام للأسعار خلال فترة زمنية محددة والتي تكون عادة سنة واحدة أو أكثر
التضخم هو الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، ولا يقصد به ارتفاع سعر سلعة معينة، وإنما أسعار السلع عموماً بحيث كلما ارتفع المستوى العام لأسعار السلع والخدمات فإن القيمة التي يشتريها الدينار من هذه السلع تقل
ويمكن أن نضع تعريفاً شاملاً لظاهرة التضخم: هو ذلك الارتفاع الدائم في المستوى العام للأسعار خلال فترةٍ زمنية محددة،أو هو زيادة في الطلب الكلي عن العرض الكلي زيادة محسوسة تؤدي إلى سلسلة من الارتفاعات المستمرة في الأسعار.
بالرغم من الشعور بالآثار التضخمية إلا أنه لابد من اللجوء إلى أسلوبٍ لقياس مدى التضخم وحجمه لتقدير آثاره المختلفة وتقييم مشاكله بناءً على حساباتٍ صحيحة لذا علينا تطبيق الأسلوب الإحصائي .
-1 الرقم القياسي البسيط الطريقة التجميعية البسيطة: هو عبارة عن نسبة مجموع أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية في السنة الجارية إلى أسعارها في سنةٍ سابقة، تُسمَّى سنة الأساس، وفق المعادلة التالية:
الرقم القياسي البسيط= مجموع أسعار السنة الجارية× 100مجموع أسعار سنة الأساس .
-2 الرقم القياسي المُرجَّح الطريقة التجميعية المُرجَّحة بالأوزان:
** الرقم القياسي للأسعار بطريقة لاسبير (طريقة سنة الأساس): في هذه الطريقة نُرجِّح بالكميات المباعة أو المستهلكة في سنة الأساس عند حسابنا الرقم القياسي وفق الصيغة التالية: مجموع قيم كميات سنة الأساس بأسعار سنة المقارنة على مجموع قيم كميات سنة الأسعار بأسعار سنة الأساس.
**الرقم القياسي للأسعار بطريقة باش( طريقة سنة المقارنة): تأخذ هذه الطريقة الصيغة التالية: مجموع قيم كميات سنة المقارنة بأسعار سنة المقارنة على مجموع قيم كميات سنة المقارنة بأسعار سنة الأساس.
**الرقم القياسي للأسعار بطريقة فيشر (طريقة الرقم القياسي الأمثل): يُمثِّل حساب الرقم القياسي للأسعار بطريقة فيشر على أنه يُمثِّل الوسط الهندسي لكل من الرقم القياسي بطريقة لاسبير وبطريقة باش .
المطلب الثاني: أنواع التضخم
يمكن التمييز بين أنواعٍ مختلفة من التضخم ويمكننا الاعتماد على عددٍ من المعايير والأسس للتمييز بين الأنواع المتعدِّدة للتضخم منها
أولاً- حسب القطاع الذي يحدث فيه التضخم
-1 التضخم السلعي: وهو التضخم الذي يحدث في سوق أو قطاع السلع الاستهلاكية، حيث يُسهِّل هذا التضخم على مُنتجي
السلع الاستهلاكية الحصول على أرباحٍ عالية، وهو يُعبِّر عن زيادة نفقة إنتاج سلع الاستثمار على الادخار
الأمين وباشا ، عبد الوهاب ، زكريا عبد المجيد ، مبادئ الاقتصاد – الجزء الثاني – الاقتصاد الكلي – دار المعرفة – الكويت – 1983
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B6%D8%AE%D9%85
2-التضخم الرأسمالي:هو التضخم الذي ينشأ في سوق أو قطاع سلع الاستثمار، عندما يُحقِّق المُنتِجون في صناعات سلع الاستثمار أرباحاً قدرية
ثانيا- حسب درجة التشغيل في الاقتصاد الوطني:يُشير كينز حسب هذا المعيار
_1 التضخم الحقيقي: يُطلق على الارتفاع في الأسعار الذي يحدث بعد وصول الاقتصاد إلى مرحلة التشغيل الكامل حيث لا يصاحب الزيادة في الطلب الفعلي زيادةٌ في الناتج الوطني وفي التشغيل، أي زيادة في السلع والخدمات المتاحة للشراء وذلك لانعدام مرونة عرض المُنتَجات؛ مما يسبب ارتفاعاً ضاراً في مستوى الأسعار، وهو يحمل في طياته ضرراً كبيراً ذوي الدخول المنخفضة والثابتة، ويعيد توزيع الدخل الوطني لصالح الطبقة ذات الدخل غير المحدود إذ لا يصاحب الزيادة في الأسعار أية زيادةٍ في حجم التشغيل والناتج
_2 التضخم غير الحقيقي (شبه التضخم: (هو الارتفاع في الأسعار الذي يحدث قبل الوصول إلى مرحلة التشغيل الكامل في الاقتصاد بالتضخم غير الحقيقي أو التضخم الجزئي، حيث ترتفع الأسعار مع زيادة الطلب الفعلي وزيادة حجم التشغيل.
ثالثاً- حسب درجة إشراف الدولة على الأسعار:
_1 التضخم الصريح:يحدث هذا التضخم عندما ترتفع الأسعار بصورة مستمرة استجابة لفائض الطلب و تزداد فيه سرعة تداول النقود وتتوقف عن العمل كمستودع للقيمة واستمرار ذلك يؤدي إلى انهيار النظام النقدي وتنهار معه قيمة الوحدة النقدية ويحدُث هذا النوع عادةً في أعقاب الحروب أو الأزمات الشديدة، فتلجا الدولة إلى إصدار عملة جديدة للتعامل تكتسب ثقة الأفراد.
_2التضخم المكبوت:لا يظهر فيه ارتفاعٌ ملموس للأسعار نتيجةً لرقابة الدولة الشديدة على الأسعار والقيود المباشرة التي تتحكَّم من خلالها بالتسعير أو بالتوزيع للسلع والخدمات. كما تقوم السلطات بتوزيع المواد الأولية على المنتجين وفق معايير محددة أو منح الإعانات للمشروعات لتغطية جزءٍ من نفقات الإنتاج.
رابعاً- حسب مصدر التضخم: حسب هذا المعيار نجد
_1 التضخم المحلِّي:غالباً ما يحدث هذا النوع نتيجةً للإفراط في الإنفاق المحلي مقارنةً بما هو متاحٌ من سلع ،والتضخم المحلي أيضا هو الذي يحدث نتيجة عوامل داخلية تتَّصل بمجموعةٍ من الاختلالات الهيكلية والوظيفية للاقتصاد الوطني والسياسات التي تتَّبعها الدولة لمواجهة تلك الاختلالات
_2 التضخم المُستورَد: هو التضخم الذي يحدث نتيجةً للعلاقات الاقتصادية المتبادَلة بين دول العالم، كما يتعلَّق بتغيُّرات الطلب الأجنبي على السلع المحلية. فالاقتصاديات المعاصرة تلعب فيها التجارة الخارجية دوراً رئيسياً، وتُؤثِّر تدفُّقات السلع عبر الدول مباشرةً على الأسعار، من خلال التأثير في الطلب الكلي، كما أن تدفُّقات رأس المال الدولية تؤثِّر بشكلٍ غير مباشر على الأسعار المحلية، من خلال أسعار الفوائد وأسعار الصرف الأجنبي ويعود سبب بروز هذا النوع من التضخم إلى الارتفاع الحاد والمستمر في أسعار السلع النهائية المُستورَدة من الخارج.
1- محاضرات د عبلة بوخاري قي الاقتصاد الكلي ص 64
2-مبادئ الاقتصاد الكلي. لهاني عرب من البريد الالكتروني Haniharab@hotmil
3- ملتقى البحث العلمي www.rsscrs.com
خامساً- حسب حدة التضخم: يتضمَّن هذا المعيار ثلاثة أنواعٍ للتضخم تتجلَّى فيما يلي:
_1التضخم المفرط: ينشأ هذا النوع نتيجة التوسُّع غير الطبيعي في كمية النقود، أو نتيجةً الزيادة اللاحقة في عرض النقود. وبسبب النقص في كمية المعروض السلعي وهذا نتيجةً للظروف التي قد يمرُّ بها الاقتصاد الوطني وهو ايضانتيجةً لارتفاع الأسعار بشكلٍ كبير يقود إلى زيادة الأجور بشكلٍ ينسجم مع هذه الزيادة في الأسعار و ارتفاع تكاليف الإنتاج في القطاعات الإنتاجية مما يتسبَّب في تقليل أرباح و يدفعها إلى زيادة أسعار سلعها التي تُنتجها، وهذا ما يدفع بدوره إلى المطالبة بزيادة الأجور
_2التضخم المتقلِّب:يحدث هذا النوع عندما ترتفع الأسعار بمعدلاتٍ كبيرة لفترةٍ معينة، ثم تتدخَّل السلطات الحكومية والنقدية لتحدَّ هذا الارتفاع لفترةٍ أخرى، ثم تعود الأسعار لترتفع من جديدٍ بحرية وبمعدلاتٍ كبيرة لفترةٍ تالية أخرى، وهكذا
_3 التضخم المعتدل (الزاحف) : التضخم الذي ترتفع فيه الأسعار ببطء .
المطلب الثالث: أسباب التضخم
يحدِّد الاقتصاديون عدة أسباب للتضخم وهي:
1_ التضخم الناشئ عن الطلب: يحدث التضخم حين يرتفع الطلب الكلي الإجمالي لقطاع المستهلكين والمستثمرين في المجتمع نتيجة لزيادة حجم النقود لدى الأفراد والمؤسسات في الوقت الذي يظل فيه العرض المتاح من السلع والخدمات أكثر محدودية مع ثبات حجم السلع والخدمات المتاحة في المجتمع أي أن هناك نقودا كثيرة تقابلها سلع قليلة في الأسواق مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمر ومتزايد كما يمكن أن يحدث هذا التضخم حتى مع زيادة الإنتاج وذلك في حالة زيادة الإنفاق النقدي بدرجة كبيرة تفوق معدل المنتج من السلع والخدمات ومن هنا تظهر أهمية زيادة الإنتاج الحقيقي حتى يكبح جناح التضخم.ويرجع سبب ارتفاع الطلب إلى
قيام الحكومات بالتوسع النقدي سياسة نقدية توسعية من خلال طباعة كميات كبيرة من النقود وطرحها في السوق بهدف مواجهة ظروف استثنائية كالحروب والأزمات السياسية الاقتصادية.
2_إن التوسُّع في فتح الاعتماد من قبل البنوك التجارية وبموافقة البنك المركزي ومنح الإئتمان هو عامل مهم في تزويد الأسواق بالأموال وذلك بتخفيض سعر الفائدة فيزيد إقبال رجال الأعمال على الاستثمار وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع الأسعار
3_ التضخم الناشئ عن التكاليف:ينشأ هذا التضخم نتيجة التغيرات التلقائية في نفقات المشروعات وقد تحدث هذه التغيرات في النفقات نتيجة لمطالبة العمال المنتجين وأرباب العمل بزيادة الأجور وما يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف الإنتاج وهذا ما يدفع المنتجين إلى زيادة الأسعار لتعويض الزيادة في تكاليف الإنتاج من أجل المحافظة على المعدلات العالية للأرباح
4_ارتفاع تكاليف المُنتَجات المستوردة مثل الطاقة المواد الأولية مواد التجهيز، ...الخ بشكلٍ مفاجئ، وفي جميع الحالات فإن ذلك يترك أثراً مباشراً على السعر النهائي للمنتجات التي تأثَّرت بزيادة تكاليف عناصر إنتاجها ويكون الأثر ملموسا كلما كانت زيادة تكاليف عناصر الإنتاج كبيرة
http http://www.bab.com/articles/full_art...ss.com/arabic/
5_انخفاض الكفاءة الإنتاجية للشركات وذلك بسبب الفقد والضياع في المواد الخام أو المنتجات النهائية أو نتيجة لقدم الآلات والمعدات أو سوق مناولة السلع أو التخزين أو غيرها
_6 تحقيق مرحلة الاستخدام الكامل: قد يصل الاقتصاد إلى مرحلة الاستخدام الشامل لجميع الطاقات بحيث يعجز الجهاز الإنتاجي عن تلبية الطلب المتزايد .
7_تضخم ناشئ عن ممارسة الحصار الاقتصادي تجاه دول أخرى تمارس من قبل قوى خارجية كما حصل للعراق وكوبا من قِبل أمريكا ونتيجة لذلك يَنعدم الاستيراد والتصدير في حالة الحصار الكلي مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وبالتالي انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع الأسعار بمعدلات غير معقولة .
المطلب الرابع: آثار التضخم
بما أن التضخم ظاهرة نقدية مرتبطة بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي فان لها أثارا واسعة على هذين الجانبين يبرزها فيما يلي:
1__ تأثير التضخم على الدخل:
يضر التضخم بعض فئات المجتمع أكثر من البعض الآخر، فأصحاب الدخول الثابتة هم بالتأكيد المتضررين من ارتفاع الأسعار بينما يستفيد أصحاب الدخول الناشئة عن الأرباح من رجال الأعمال وتجار وغيرهم من وجود التضخم (الذين ترتفع دخولهم بنسبة اكبر من نسبة ارتفاع الأسعار) .فمثلا إن أصحاب الثروة ممن يملكون حق التملك سواء في سوق الأراضي، العقارات أو الأوراق المالية وغيرها من الأصول المالية سيحصلون على عوائد لحقوق تملكهم لهذه الأصول بقدر كبير باعتبار أن مكونات الثروة ترتفع أسعارها في ظل التضخم وبالتالي تزيد عائداتها.
قد يكون أصحاب المعاشات هم المجموعة التي يصيبها التضخم بشدة. فقيمة المعاشات تستند إلى دخول اكتسبت خلال سنوات كان التضخم فيها اقل قبل أن تتاح فرصة توقع التدهور الحالي لقيمة النقود.
2__تأثير التضخم على المديونية :
المقرضون هم أول من يعاني من التضخم كونهم يحصلون على قروضهم متمثلة كقوة شرائية اقل مما أعطيت أما المقترضون هم المستفيدون الأوائل من التضخم لأنهم يسددون القروض بالقيمة الاسمية والتي تقل عن القيمة الحقيقية وقت الاقتراض.
يستفيد المدين Debtor من وجود التضخم بينما يتضرر الدائن Creditor وذلك لكون المدين يقترض مبلغا من المال و يعيده في فترة لاحقة بقيمة أقل نظرا للارتفاع المستمر للأسعار.
3__ تأثير التضخم على ميزان المدفوعات :
للتضخم اثر سلبي على ميزان المدفوعات بحيث أن الدولة التي تعاني من ارتفاع الأسعار نجد أنها في موضوع تنافسي ضعيف من منتجات الدول الأخرى الأقل سعرا و بذلك تزداد وارداتها و تقل صادراتها مما يؤدي إلى عجز الميزان التجاري من ميزان المدفوعات أو ينخفض حجم الفائض فيه .
بحث ظاهرة التضخم. من إعداد الطلبة:جعوي حسان.سحنون محمود .بن خليفة فارس .جامعة منتوري قسنطينة.
4__ تأثير التضخم على الادخار والاستثمار والاستهلاك:
إن انخفاض الدخول الحقيقية بسبب التضخم سيؤدي إلى انخفاض الادخار لان معظم الدخل النقدي سيوجه إلى الاستهلاك من السلع المتزايدة أسعارها، لذلك يزداد الميل الحدي للاستهلاك على حساب الميل الحدي للادخار وهذا سوف يؤدي إلى انخفاض الاستثمار وانخفاض الناتج القومي، وعدم كفاية المدخرات لتمويل الاستثمارات اللازمة لمواجهة الطلب المتنامي على السلع والخدمات الاستهلاكية خاصة عندما تكون أسعار الفائدة سلبية بمعنى انخفاض سعر الفائدة على ودائع الادخار وارتفاع تكلفة الاستثمار نفسه.
المبحث الثاني: النظريات المفسرة للتضخم
المطلب الأول:النظرية النقدية التقليدية نظرية كمية النقود كمفسر للتضخم
تُعتبر هذه النظرية من أولى النظريات التي حاولت تفسير تحديد المستوى العام للأسعار وما يحدث فيه من تقلُّبات وقد اعتمدت على الفروض والدعائم التالية
***الفرضيات:
التغيرات الطارئة على الأسعار إنما ترجع إلى التغيرات الحاصلة للكمية النقدية وبنفس النسبة
تتناسب كمية النقود تناسباً طردياً مع الأسعار بمعنى أنه إذا زادت الكمية النقدية المتداولة يترتب عليه ارتفاع في مستوى الأسعار السائدة وبنفس النسبة وكذلك في حالة انخفاض الكمية النقدية ينخفض مستوى الأسعار
تتناسب الكمية النقدية عكسيا مع قيمة النقود
تتناسب الكمية النقدية تناسبا طرديا مع الطلب على السلع وعكسيا مع العرض
هناك تشغيلٌ كامل لعناصر الإنتاج ووفقاً لهذه الفرضيات التي استند إليها التحليل الكلاسيكي، فإن مستوى الإنتاج ثابت باعتبار أن الاقتصاد بلغ مستوى التشغيل الكامل. لهذا فإن حجم المعاملات سيكون ثابتاً وسرعة دوران النقود هي الأخرى ثابتة لهذا فإن المستوى العام للأسعار يتغيَّر تبعاً لتغيُّر كمية النقود المعروضة في المجتمع كما يتَّضح ذلك من المعادلة التالية المعروفة بمعادلة المبادلة التي صاغها فيشر : ك* م= ن* س أي:
حجم المعاملات في المستوى العام للأسعار= متوسط كمية النقود خلال فترةٍ من الزمن في سرعة دوران النقود مما تقدَّم نستنتج أن الاختلاف في الوضع الاقتصادي ينشأ من التغيُّرات بين كمية النقود المعروضة من جهة، وحجم الناتج المُتاح من السلع والخدمات من جهةٍ أخرى. إذن المستوى العام للأسعار يُمثِّل العامل التابع للعنصر المستقل المتمثِّل في كمية النقود المعروضة، وإن التغيُّر سواءً بالزيادة في حالة التضخم أو بالانخفاض في حالة الكساد في كمية النقود المعروضة سيترُك أثره بنفس القدر من المستوى العام للأسعار
***تطوُّر النظرية الكمية للنقود :
تطوَّرت صياغة هذه النظرية على يد ألفريد مارشال وأعضاء مدرسة كمبردج وأخذت معادلة التبادل صيغةً جديدة من جانب هذه المدرسة، وذلك بإحلال فكرة الطلب على النقود مكان سرعة الدوران، واستخدام الناتج الوطني أو الدخل الحقيقي بدلاً من حجم المعاملات وعليه تصبح صيغة معادلة التبادل طبقاً لمدرسة كمبردج كالآتي
ورغم أهمية تطوير معادلة التبادل لـفيشر كمعبِّرٍ عن النظرية الكمية، إلا أن مدرسة كمبردج لم تختلف عن النظرية الكلاسيكية الكمية على المدى القصير في إطار معادلة التبادل التي تربط بعلاقةٍ طردية بين المستوى العام للأسعار وكمية النقود. فعلى المدى القصير، يترتَّب عن زيادة عرض النقود على الطلب عليها ارتفاعٌ متناسب في المستوى العام للأسعار. أما في الفترة الطويلة، حيث تنمو الطاقات الإنتاجية للاقتصاد الوطن ومع الأخذ بعين الاعتبار اتجاه الطلب على النقود نحو التغيُّر، فإن زيادة كمية النقود بمعدلٍ أكبر من معدل الناتج الوطني سوف تُؤدِّي إلى ارتفاع الأسعار
***الانتقادات الموجهة للنظرية التقليدية:لقد وُجِّهت عدة انتقاداتٍ للنظرية الكمية كمفسرٍ للتضخم، خاصةً في صورتها التقليدية. فيرى البعض أن العلاقة التي تسبغها على تأثير التغيُّر في كمية النقود على مستوى الأسعار ليست بالشكل البسيط الذي تُصوِّره هذه النظرية؛ فقد ترتفع الأسعار لأسبابٍ لا دخل لزيادة كمية النقود فيها ذلك أن أزمة الكساد (1929 – 1933 ( أثبتت عدم صحة هذا التقييم للتضخم؛ إذ لم تُؤدِّ زيادة كمية النقد الذي أصدرته الحكومة إلى ارتفاع الأسعار بسبب ازدياد التفضيل النقدي للأفراد الذين كانوا يتوقَّعون انخفاضاً أكثر للأسعار وهذا ما يُوضِّح أن النقود تُطلب لذاتها زيادةً على كونها وسيلةً للتبادل ومن الانتقادات أيضاً، عدم واقعية افتراض ثبات الناتج الوطني وسرعة دوران النقود، ومبدأ حياد النقود، وأيضاً افتراض أن العلاقة بين كمية النقود ومستوى الأسعار تسير في اتجاهٍ واحد. فافتراض ثبات الناتج الوطني يستند إلى افتراض حالة التشغيل الكامل، وهي حالةٌ خاصة في الدول الصناعية. كما أن مبدأ حياد النقود غير واقعي؛ فالناتج الوطني يتأثَّر بالعوامل النقدية، ويقول النقاد أن الارتفاع المتواصل في الأسعار يُؤدِّي إلى خلق المزيد من عرض النقود.
ومع التحفُّظ على بقاء الأشياء الأخرى كما هي، فإنها تكون بديهية عديمة النفع والمشكلة الحقيقية هي أن الأشياء الأخرى نادراً ما تظل كما هي، بل إنها تتغيَّر ليس فقط في الفترة الطويلة، ولكن أيضاً في الفترة القصيرة نسبياً ورغم هذه الانتقادات إلا أن هذه النظرية استطاعت أن تُفسِّر الارتفاع التضخمي في الأسعار تحت ظروفٍ معينة، يتحقَّق فيها قدرٌ كبيرٌ من افتراضاتها، وخاصةً في البلدان المتخلِّفة، حيث جمود جهازها الإنتاجي يُقرِّبها من افتراض ثبات الناتج الوطني
المطلب الثاني : النظرية الكينزية كمفسر للتضخم
يتميَّز التحليل الكينزي في تفسيره للتضخم بمرحلتين أساسيتين:
***المرحلة الأولى:حيث يعاني الاقتصاد الرأسمالي الصناعي من تعطُّلٍ في قسمٍ من موارده الإنتاجية القابلة للتشغيل وفي هذه الحالة عندما يزيد الإنفاق الوطني وليكُن بقيام الحكومة بزيادةٍ في إنفاقها العام تزيد الدخول ويزيد الإنفاق على الاستهلاك، وهكذا بفعل "المضاعف" وتحت ظروف الكساد وفي مواجهة مرونةٍ كبيرة في عرض عوامل الإنتاج القابلة للتشغيل تعكس الزيادة المتتالية في الدخول والإنفاق نفسها في زيادة الإنتاج، محدثةً ارتفاعاً ضئيلاً في الأسعار. أي أن فائض الطلب تمتصُّه أساساً الزيادة في التشغيل والإنتاج، ولكن مع استمرار زيادة الإنفاق، وعندما يقترب الاقتصاد الوطني من وضع التشغيل الكامل، فإن فائض الطلب لا يُعبِّر عن نفسه في زيادة الإنتاج فقط، بل تبدأ الاتجاهات التضخمية في الظهور، ويطلق على هذا النوع من التضخم الذي يبدأ في الظهور قبل وصول الاقتصاد الوطني إلى مرحلة التشغيل الكامل "التضخم الجزئي"ويُعزَّى ظهور هذا النوع من التضخم إلى ظهور الاختناقات التي تنتُج من قصور عرض بعض عناصر ومُستَلزمات الإنتاج في بعض الأنشطة عن مواكبة الطلب المُتزايد عليها، وبسبب الضغوط التي تُمارِسها نقابات العمال على أصحاب الأعمال لرفع الأجور بمعدلاتٍ تفوق معدلات الإنتاجية، وأيضاً ظهور الممارسات الاحتكارية لدى بعض المُنتِجين ولا يُثير هذا التضخم المَخاوِف لأنه يُعدُّ حافزاً لدى بعض الفروع الإنتاجية لزيادة حجم إنتاجها بما يخلقُه من أرباحٍ قدرية.
***المرحلة الثانية:هي مرحلة التشغيل الكامل حيث تكون الطاقات الإنتاجية قد وصلت إلى أقصى حدٍّ في تشغيلها وهنا إذا افترضنا حدوث الزيادة في الطلب الكلي فإن هذه الزيادة لا تنجح في إحداث أي زيادةٍ في الإنتاج أو العرض الكلي للسلع والخدمات حيث تكون مرونة العرض الكلي قد بلغت الصفر فخلق فائض طلبٍ يعكس نفسه انعكاساً كاملاً في رفع الأسعار، ويستمر الارتفاع في الأسعار طالما استمرَّ وجود قوى تضخمية مُتمثِّلة في فائض طلب يَدفع بها إلى أعلى
***تقييم النظرية الكينزية:في نظرةٍ تقييميه لنظرية فائض الطلب الكينزية كمفسرٍ للتضخم، ينبغي التذكير بأنها مُشتقَّةٌ من التحليل الكينزي القائم على افتراضاتٍ تصف واقع البلاد الرأسمالية الصناعية التي تتميَّز بقطاعٍ صناعي ضخم وأسواقٍ عالية الكفاءة، وجهاز أسعارٍ فعال في توزيع الدخول وتخصيص الموارد وذلك عكس الحال في البلاد المُتخلِّفة، حيث الطاقة الصناعية ضئيلة، وجهاز السوق الذي يعمل بكفاءةٍ منخفضة في تقيد الأسعار وتخصيص الموارد وحيث تسود الاختلالات الهيكلية المتنوِّعة ومن ثم فإن التحليل الكينزي أكثر تعبيراً عن حال البلاد الصناعية المتقدِّمة التي تُعاني من فائض طاقتها الإنتاجية في أوقات الكساد، على حين تتمثَّل المشكلة الأساسية في البلاد المتخلِّفة في قصور حجم طاقتها الإنتاجية الأمر الذي يجعل جهازها الإنتاجي غير مرن، وناتجها الوطني قريباً من الثبات مما يجعل النظرية الكمية أكثر تعبيراً عن واقعها.
المطلب الثالث: نظرية التضخم الناشئ عن دفع النفقة
تتلخَّص هذه النظرية في أن ارتفاع الأسعار هو ناتجٌ عن ارتفاعٍ مسبَّق في تكاليف الإنتاج عامة، وفي الأجور خاصة وقد استُخدمت هذه النظرية بعد الحرب العالمية الثانية لتفسير ظاهرة ارتفاع الأسعار مع ارتفاع معدلات البطالة في آنٍ واحد لقد قدَّم الاقتصاديون عدداً من الفروض العلمية لتفسير الأجور وبالتالي نفقات الإنتاج التي تدفع الأسعار
و الاتحادات العمالية تنجح في رفع معدلات الأجور حينما يرتفع مستوى النشاط الاقتصادي بينما تكفُّ عن ممارسة ضغوطها على أصحاب الأعمال عندما تكسد الأحوال الاقتصادية. وقد أكَّدت عدة دراساتٍ واقعية هذا الفرض فقد وجد البروفسور فيليبس في دراسته أن 80% من التغيُّرات في معدلات الأجور النقدية يمكن تفسيرها بالتغيُّرات في مستوى البطالة خلال الفترة (1861-1913)، وأن 60% من هذه التغيُّرات يمكن تفسيرها بمستوى البطالة خلال الفترة من نهاية الحرب العالمية الأولى حتى أواخر الخمسينات.وفي هذا السياق نشر البروفسور فيليبس دراسة مهمة حول العلاقة بين البطالة ومعدلات تغيُّر الأجور النقدية في المملكة المتحدة خلال الفترة(1861–1957) وقد توصَّل إلى وجود علاقةٍ إحصائية قوية بين نسبة العاطلين إلى إجمالي السكان ومعدل التغيُّر في أجر الساعة للعامل.خلال مدةٍ زمنية تقترب من القرن، وهذه العلاقة تنصُّ على أنه في الفترات التي تقلُّ فيها معدلات البطالة ترتفع معدلات الأجور النقدية و العكس. قام كل من بول سام ويلسون وروبرت سولوبتطوير الفكرة وانتهيا إلى أنه توجد علاقةٌ عكسية بين معدل التضخم ومعدل البطالة، أصبحت هذه العلاقة معروفةً تحت مصطلح منحنى فليبس ومنه وجد ان إنتاجية عنصر العمل تزيد سنوياً بمعدل 3% وأن الأسعار تتحدَّد في التحليل النهائي بمتوسط تكلفة عنصر العمل لكل وحدةٍ منتجة وعليه فإن: معدل التضخم = معدل زيادة الأجور- معدل نمو إنتاجية العمل.
***انتقادات هذه النظرية:أثارت هذه النظرية جدلاً واسعاً في الخمسينات من القرن الماضي بين أصحاب الشركات ونقابات العمال حول من هو المسؤول عن التضخم حيث ادَّعت النقابات بأن ارتفاع الأجور هو ناتجٌ عن ارتفاعٍ مسبَّق للأسعار، بينما أصر أصحاب الشركات على العكس بأن ارتفاع الأسعار هو ناتجٌ عن ارتفاعٍ مسبَّق للأجور لهذا السبب لم يسبق أن انتُقدت أية نظريةٍ في التضخم بقدر ما انتُقدت نظرية التكاليف. إلا أن التطوُّرات التي حصلت في أسواق النفط العالمية خلال عقد السبعينات من القرن الماضي وارتفاع أسعار النفط في الفترة (1973- 1974) إلى الضعف تقريباً، ثم ارتفاعها مرةً أخرى في الفترة (1979-1980)، ووُجِّهت الأنظار نحو عاملٍ جديد في ارتفاع تكاليف الإنتاج والأسعار التي حصلت فعلاً في تلك الفترة مما ساعد على تخفيف حدة الخلاف في الرأي بين أصحاب الشركات ونقابات العمال
المطلب الرابع: النظرية المعاصرة لكمية النقود كمفسر للتضخم
أعادت مدرسة شيكاغو بزعامة ميلتون فريدمانالنظرية الكمية إلى الحياة ولكن في صورة جديدة تحت رئاسة رونالد ريجان وفي بريطانيا تحت رئاسة مارجريت تاتشر، وذلك في مجال ما تصفه هذه النظرية من علاج لمكافحة التضخم وتقوم نظرية فيردمان على ركنين أساسيين
_المُؤشِّر الرئيسي في المستوى العام للأسعار: هو تطور التغير في كمية النقود وبين الناتج الوطني أو الدخل الوطني الحقيقي أي نصيب الوحدة من الناتج الوطني من كمية النقود يرى فريدمان في تفسيره للتضخم باعتباره الزيادة في كمية النقود بنسبة اكبر من الزيادة في حجم الإنتاج.
_ التغيًُّر الذي يطرأ على سرعة دوران النقود: أو مقلبوها يعبر عن الأرصدة النقدية التي يرغب الأفراد في الاحتفاظ بها من دخولهم النقدية وهنا يحلل فيردمان في محددات الطلب على النقود في شكل دالة سلوكية ترتبط بسلوك المستهلك ويرى فريدمان أن الطلب على الاحتفاظ بالأرصدة الحقيقية دالة في المتغيرات الآتية:
• تكلفة الاحتفاظ بالنقود كأصلٍ بديل للأشكال الأخرى للثروة ا في صور صورة فائدة على السندات أو ربح مضحى به في صورة عائد على الأسهم وما يمكن أن يفقده المحتفظون بثروتهم في نقود من شكل انخفاض قوتها الشرائية نتيجة للتضخم ويقاس بمعدل التضخم المتوقع أو معدل الارتفاع المتوقع في الأسعار خلال فترة من الزمن.
• الثروة والدخل الحقيقي تشمل الثروة كافة العناصر البشرية وغير البشرية ويعتبر فريدمان الدخل الوطني الحقيقي في دالة الطلب على النقود كمتغير محدد للطلب عليها وكمعبر عن الثروة الحقيقية .
• النسبة بين الثروة البشرية وغير البشرية العوامل التي يمكن أن تؤثر في تفضيل الاحتفاظ بالنقود بالمقارنة بغيرها من الأصول الأخرى.
***انتقادات هذه النظرية: إن تحليل فريدمان يُمثِّل خليطاً من أفكار كينز في تحليله للطلب على النقود في نظريته العامة وتحليل هيكسفي مقالته الشهيرة عام 1953 حيث أشار إلى أن هناك ثلاثة مجموعات مت العوامل يتوقف عليها الطلب على النقود هي التفضيلات الفردية للاحتفاظ بالنقود بالمقارنة مع الأشياء الأخرى والثروة والتوقعات بشأن مستقبل الأسعار والمخاطر.كما يمكن القول أيضاً أن هذه النظرية بالمقارنة مع صورها التقليدية أكثر عمقاً وواقعية في تحليلها للعلاقة بين كمية النقود والأسعار فهي تأخذ بعين الاعتبار تأثير التغيُّر في الناتج أو الدخل الوطني الحقيقي والتغيُّر في الطلب على النقود على مستويات الأسعار، بالإضافة إلى الدراسة المتعمِّقة للعوامل التي تُحدِّد الطلب على النقود. وكمُفسِّرٍ للقوى التضخمية في البلاد المُتخلِّفة، تُعدُّ أكثر واقعية في تفسير هذه القوى بالمقارنة مع نظرية الكمية التقليدية، وأيضاً أكثر صلاحية في هذا المجال من
المبحث الثالث: السياسات المعالجة للتضخم
من أجل معالجة التضخم تستخدم الدولة عادةً السياسات الكلية التي تُؤثّر على الاقتصاد بشكلٍ عام، سواءً أكانت مالية أم نقدية، أو سياساتٍ أخرى من الإجراءات التي تُساهم في الحد من ظاهرة التضخم وتنحصر فيما يلي
الطلب الأول: السياسة النقدية
الإستراتيجية المثلى الذي تقوم بهاالسلطات النقدية من أجل المشاركة الفعالة في توجيه مسار الوحدات الاقتصادية نحو تحقيق النمو الاقتصادي تتمثل في :
*1*الأدوات و الوسائل الغير مباشرة
ا- سياسة سعر إعادة الخصم : تعتبر من أقدم وسائل السياسة النقدية المنتهجة من قبل البنك المركزي - بنك إنجلترا 1839 - و يستخدمها من أجل تحقيق النقص في السيولة و مراقبة أوضاع النقد أو الائتمان بصورة انتقائية .
يقصد بسياسة إعادة الخصم في حالة التضخم تغيير سعر إعادة الخصم و ذلك بالزيادة . و م هو سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك المركزي من البنوك التجارية مقابل خصم ما لديها من الأوراق التجارية أو الحصول على قروض .
* أثر سياسة سعر إعادة الخصم : نفترض أن البنك المركزي تجمعت لديه المعلومات التي تفيد بأن حجم الائتمان قد زاد ، و أخذت بوادر التضخم في الظهور ففي هذه الحالة يقوم البنك المركزي بإتباع سياسة انكماشية تهدف إلى التقليل من كمية النقود عن طريق رفع سعر إعادة الخصم ، و هذا بدوره سيدفع البنوك التجارية للعمل على رفع سعر الفائدة الذي تتقاضاه من العملاء و بالتالي يحجم الأفراد على خصم ما لديه من كمبيالات مفضلين الاحتفاظ بها حتى تاريخ استحقاقها و كذلك الحد و التقليل من طلب الأفراد على القروض من البنوك ، و هذا يؤدي إلى خفض كمية النقود المتداولة مما يؤدي إلى التخفيض من حدة التضخم .
ب_سياسة السوق المفتوحة: يقصد بها تدخل البنك المركزي في السوق المالية ببيع أو شراء الأوراق المالية (أسهم و سندات)
*عمليات السوق المفتوحة نوعان :
• عمليات السوق المفتوحة الحركية : الهدف منها هو تغيير مستوى الاحتياطات لدى البنوك أو حجم العملة في التداول ، ومن ثم تغيير حجم القاعدة النقدية .
• عمليات السوق المفتوحة الدفاعية: و هي تلك العمليات التي يقوم بها البنك المركزي لإلغاء الآثار على القاعدة النقدية الناجمة عن العوامل الأخرى مثل: تغييرات الودائع التي تقوم بها الخزانة العامة لدى البنك المركزي أو التغيرات في الرصيد الصافي لعمليات المقاصة.
.
* أثر سياسة السوق المفتوحة : لكي نلقي ضوءاً على طبيعة سياسة السوق المفتوحة و ما تؤديه من علاج للضغوط التضخمية ، نفرض قيام البنك المركزي ببيع بعض الأوراق المالية و هذا في حد ذاته من شأنه إنقاص حجم وسائل الدفع و بالتالي التأثير في سيولة السوق النقدي بقطاعيه المصرفي و غير المصرفي ، وذلك عن طريق تقليل قدرة القطاع المصرفي على خلق النقود وعلى منح الائتمان و تقليل الإيداعات في القطاع الثاني من البنوك ، مما يحد من قدرتها على التوسع في خلق الائتمان ومن ناحية أخرى فإن دخول البنك المركزي بائعاً يخفض من عرض كمية النقود في سوق النقد و بيع الأوراق المالية سيؤدي إلى خفض قيمتها الجارية في سوق الأوراق المالية مع ثبات العائد الذي تعطيه مما يؤدي إلى زيادة سعر الفائدة الحقيقي الذي تعطيه هذه الأوراق ويعتبر ذلك مؤشراً إلى اتجاه أسعار الفائدة للارتفاع في السوق وهذا بدوره يعتبر مؤشراً للحد من حجم الاستثمارات ومحاولة تخفيض حدة التضخم.
ج - سياسة الاحتياطي القانوني: هو ما تودعه البنوك كنسبة من ودائعها لدى البنك المركزي دون أن تتقاضى عن ذلك أي سعر فائدة، كما يقوم البنك المركزي بتحديد هذه النسبة بصفة إجبارية.
إذا استهدف البنك المركزي الحد من الضغوط التضخمية فإنه يتجه إلى الحد من الائتمان باستخدام هذه الوسيلة ، فيرفع نسبة الاحتياطي القانوني بمعنى زيادة الحد الأدنى للاحتياطي النقدي الذي يتعين على البنك التجاري الاحتفاظ به قانوناً مما يدفع هذا الأخير إلى التشدد في تقديم قروض جديدة و العمل على تصفية
بعض القروض القائمة و من ثم يتجه رصيد الائتمان إلى الهبوط أو على الأقل الثبات عند مستوى معين.
*2*الأدوات و الوسائل المباشرة
و هي تتمثل في استخدام البنك المركزي لأسلحته ليؤثر في حجم الائتمان بالنسبة للنشاط الاقتصادي
1-تحديد حدأقصى للقروض حسب أنواعها :
و هي تعتبر حديثة العهد - الحرب العالمية الثانية - حيث يعمد البنك المركزي إلى خفض حجم الائتمان الذي يستطيع أن يمنحه خلال مدة معينة ، ويتحدد إما على شكل نسبة مؤوية من مجموع الأموال التي يملكها المصرف أو من رأسماله أو من حجم الودائع الموجودة لديه .
2-السياسة الانتقائية للقروض:
قد يحدث أن يتعرض قطاع أو نشاط أو مجال ما من مجالات الاقتصاد الوطني إلى ظروف خاصة طارئة دون غيره من القطاعات الأخرى، فتلجأ السلطات النقدية إلى التدخل في القطاع الاقتصادي محل البحث ، أي تحتاج إلى رقابة ذلك الحجم من الائتمان هذه الرقابة الكيفية على الائتمان تنظم طلب الائتمان وليس عرض الائتمان و تأخذ صوراً متعددة منها :
الرقابة على هامش الضمان المطلوب : و يعرف باسم هامش الضمان و هو مقدار من النقود التي يمكن أن يحصل عليها العملاء من البنوك التجارية لتمويل مشترياتهم من الأوراق المالية أو لتمويل نسبة معينة من قيمة الورقة المالية و الباقي من أموالهم الخاصة .
الرقابة على شروط البيع بالتقسيط : حيث يتدخل البنك لوضع شروط تنظم هذا الائتمان أو ما يسمى بالائتمان الاستهلاكي حيث أن المستهلك يدفع نسبة يحددها البنك من قيمة السلع و الباقي يكون على شكل دفعات لمدة معينة ، ففي حالة التضخم يقوم البنك المركزي برفع النسبة أو بتقصير مدة التقسيط أي تقييد الائتمان .
3-الإقناع الأدبي أو المعنوي:
باعتبار البنك المركزي بنك البنوك و في حالة ظهور بوادر التضخم يوجه تعليماته و يبصر البنوك التجارية بخطر التضخم ويعطي توصيات بأن تتريث البنوك في منح الائتمان و أن تعمل على تقليل حجمه و يأخذ هذا التوجيه أشكالاً مختلفة منها إرسال مذكرات إلى البنوك بالامتناع عن قبول أوراق مالية أو عدم الإقراض لمشروعات معينة أو عدم قبول إعادة الخصم لبعض الأوراق التجارية ، ويتوقف نجاح هذه السياسة على مدى التعاون بين البنوك التجارية و البنك المركزي .
4-تحديد حد أقصى لسعر الفائدة :
يكون التنافس بين البنوك التجارية من أجل الحصول على ودائع إضافية من عملائهم ولكي يتسنى لها ذلك تقوم برفع نسب الفوائد الممنوحة على الودائع الجارية و قد يؤدي هذا التنافس إلى رفع أسعار الفائدة نحو معدلات عالية جداً ، و تتمثل هذه السياسة بفرض البنك المركزي حداً أقصى لسعر الفائدة الممنوح من طرف البنوك التجارية لا يمكن تجاوزه حيث أنها تكون منخفضة في حالة محاربة التضخم للحد من إمكانية التوسع النقدي .
المطلب الثاني : مزايا و عيوب الإجراءات النقدية
إن لكل سياسة اقتصادية مزايا و عيوب و لذاك فإنه لدينا :
1- مزايا السياسة النقدية :
_ وضوح أدواتها و سرعة تحديدها ووضعها موضع التنفيذ ، بالإضافة إلى سرعة حدوث ردود أفعالها .
_قلة الإجراءات و القيود الزمنية فيكفي الإيعاز للبنك المركزي باتخاذ الإجراءات النقدية المناسبة لعلاج وضع المشكلة اقتصادية قائمة ومن ثم تبدأ المراحل المختلفة لتحجيم المشكلة وتحديد الإجراءات الأكثر تأثيراً و تنفيذ و متابعة هذه الإجراءات.
2- عيوب السياسة النقدية :
_التباطؤ الزمني «الفجوة الزمنية»: يقصد به الفترة التي تمر بين وقوع حدث ما و وقت تحقق الأثر الناجم عن هذا الحدث على وحدة اقتصادية ما و ينقسم إلى:
• التباطؤ الداخلي «إبطاء التنفيذ »: وهو ذلك الإبطاء الذي يتحقق بين حدوث الحاجة إلى تغيير السياسة و التعديل الفعلي للسياسة و ينقسم إلى:
ا-إبطاء الإدراك أو التميز: أي الإبطاء الناشئ عن الفترة بين نشوء الحاجة و بين إدراكها.
ج-الإبطاء الإداري : ويتمثل في الفترة بين إدراك و تمييز الحاجة و بين إحداث التغيير المطلوب في السياسة .
د-الإبطاء الخارجي «فجوة الاستجابة» : وتتمثل في الوقت المنقضي بين التعديل الذي تم فيه مجال السياسة النقدية و الائتمانية و بين الأثر الذي تحقق أو نشعر بتحقيقه على المتغيرات و ينقسم إلى :
الإبطاء الوسيط : و هو الوقت الذي ينقضي بين تعديل الأداة النقدية و أثرها المتحقق على المتغير الهدفي الرئيسي وعادة ما يكون العرض النقدي .
إبطاء رد الفعل : و يتمثل في الفترة التي تمر بين إحداث التغيير في المتغير الهدفي الرئيسي و الأثر على هذا التغيير أي الأثر النهائي(2)
المطلب الثالث : السياسة المالية
تعتبر السياسة المالية بأدواتها المختلفة وسيلة من الوسائل الرئيسية الهامة لتحقيق التوازن و الاستقرار في هذا المجال و بالتالي تملك عوامل استقرار آلية تقلل من تزايد النفقات الكلية و تساعد على مكافحة التضخم
يقصد بالسياسة المالية «الطريق الذي تنتهجه الحكومة في تخطيط نفقاتها و تدبير وسائل تمويلها كما يظهر في الموازنة »
وقد عرفها البعض على أنها : « سياسة استخدام الحكومة للضرائب و الإنفاق الحكومي و الدين العام في محاربة التضخم و الانكماش ».
1_فعالية سياسة الإنفاق العام و الضرائب: السياسة المالية تقوم على استخدام أداتين رئيسيتين هما :
*النفقات العادية: و التي بدورها تنقسم حسب عدة معايير منها:
_معيار استخدام القوة الشرائية حيث نجد : نفقات حقيقية و أخرى تحويلية .
_من حيث إمكانية تغطيتها بموارد عامة أو عادية و أخرى بموارد غير عادية.
_وفقاً لمعيار طبيعة العملية الاقتصادية التي يتم بشأنها الإنفاق العام تنقسم إلى نفقات الوظيفية الإدارية للدولة .
*أما بالنسبة للإيرادات العامة : فهي تمثل مجموع الأموال التي تحصل عليها الحكومة سواء بصفتها السيادة أو من أنشطتها و أملاكها الذاتية أو من مصادر خارج عن ذلك « قروض »وتنقسم إلى:
الإيرادات العادية : و تتمثل في الضرائب العادية بكل أنواعهاو القروض العامة و إيرادات أملاك الدولة
الإيرادات غير العادية : و تتمثل في القروض من الحكومات الأجنبية أومن مؤسسات دولية .الإصدار النقدي.
2-فعالية الضريبة المباشرة في معالجة التضخم: في حالة التضخم يزيد الطلب على السلع و الخدمات عن عرضها و هنا تستعمل الضرائب المباشرة من أجل تقييد الطلب. و يكون ذلك من خلال فرض ضرائب مباشرة على الدخول الموجهة للاستهلاك الكمالي. أو نحو الاستثمارات التي تلبي حاجيات كثيرة معينة كالاستثمار في المباني الضخمة.و يتوقف نجاح هذه الأخيرة على مرونة أسعار السلع من جهة و قدرة المؤسسات على التحكم في التكاليف من جهة أخرى.
* أثر الضريبة غير المباشر: تمد خزينة الدولة بالإيرادات بسرعة و باستمرار على مدار السنة. و أنها تصيب جميع المكلفين و يصعب التهرب منها و بالتالي يستفاد من فعاليتها و توظيفها في معالجة التضخم من خلال ربطها بالعملية الاستهلاكية. و أن هذه العملية تستوجب مرونة في الضرائب بحيث التخفيض والرفع في أسعارها على المواد
الاستهلاكية يجب أن يتماشى حسب ارتفاع الطلب على هذه المواد، غير أن هذا التأثير يتوقف على مرونة عرض السلع حتى لا تزيد من التضخم من جديد.
3-فعالية سياسة الدين العام لمعالجة التضخم : تستخدم القروض العامة كوسيلة من قبل السلطات العامة لتقليل القدرة الشرائية الفائضة و ذلك لمكافحة التضخم .
1 /الاقتراض من الأفراد والمشروعات :بهدف امتصاص الفائض من دخول الأفراد و تقليل إنفاقهم في سوق السلع "سندات حكومية " يفترض أن لا تقوم الدولة بإنفاق هذه القروض في مشروعاتها المختلفة إذ ليس الهدف هو إحلال الحكومة محل القطاع الخاص في الإنفاق ، و إنما حبس جزء كبير ممكن من الإنفاق سواء من قبل الحكومة أو الأفراد و قد يعترض على هذا المبدأ من أن الدولة تتحمل نفقات على الدين العام على شكل فائدة يحصل عليها الجمهور من قروضهم ، في حين تحتفظ الدولة بهذه القروض على شكل جزء عاطل في خزائنها ، مما يقود بالحكومة إلى تحمل خسارة ، إلا أن هذا الاعتراض مردود عليه طالما أن هدف الحكومة يتمثل في خدمة المجتمع و مكافحة التضخم.
2/الاقتراض من الجهاز المصرفي :هنا يجب ملاحظة مصدر تمويل البنوك لهذه القروض ، فإذا كان عن طريق الائتمان فإن ذلك يؤدي إلى زيادة كمية وسائل الدفع مما يترتب عليه رفع مستوى الأسعار ، أما إذا تم التمويل عن طريق الأموال المعدة للاستثمار فإن ذلك سيقلل من حجم الإنفاق الاستثماري الخاص ، و بهذا إن الاقتراض يكون تأثيره على مستوى الأسعار أكبر في ظل حالات التضخم عندما ترغب الحكومة في امتصاص الزيادة في القوة الشرائية التي كانت ستخصص للاستهلاك أو الاستثمار .
4- فعالية الرقابة على الأجور لمعالجة التضخم :للحد من سياسات و إجراءات تتحكم في التضخم الناشئ عن ارتفاع التكاليف وجب اتخاذ الإجراءات في الرقابة على الأجور و الرقابة المباشرة على الأسعار.
* إجراءات الرقابة على الأجور : تتمثل هذه الإجراءات فيما يلي
-تحديد الأجور أو تجميدها ، أو تحديد معدلات الزيادة فيها بطريقة تحكمية أو اتفاقية .
-تحديد و زيادة الحد الأدنى للأجور في الفترات التضخمية زيادات متدرجة و متصاعدة في الأجور للقضاء على التفاوت الاجتماعي و الاقتصادي .
-فرض ضرائب على الأجور العالية و الأرباح و تغيير أسعار فائدة الخدمات و الإعانات .
-زيادة الإعانات ضد البطالة .
- فعالية الرقابة على الأسعار لمعالجة التضخم : علاج التضخم بوضع القيود المباشرة التي تمنع ارتفاع الأسعار بحكم قانوني. ومن أهم هذه الوسائل هي:
-تثبيت الأسعار: يقصد بهذه العملية أن تعمل الدولة على تثبيت الأسعار و إيقافها عند المستوى المناسب أي تستهدف جعل الأسعار في مستوى أقل مما لو تركت لتفاعل العرض و الطلب و منه فإن الحكومة أنما تهاجم الأعراض بدلاً من الأسباب الأساسية للتضخم ، فإذا لم يسمح لضغط الطلب بان يعبر عن نفسه في شكل ارتفاع في الأسعار فإنه سيعبر عن نفسه في شكل طوابير طويلة من المشترين .
-نظام البطاقات أو تقيين السلع : يتمخض عن تطبيق سياسة تثبيت الأسعار قيام السوق السوداء و اختزان السلع لذا فإن الدولة تتدخل لوضع نظام يقضي بتحديد الاستهلاك من السلع الرئيسية وتوزيع الموارد في المجتمع عن طريق نظام البطاقات ، و هذا يؤدي إلى وقف عمل جهاز الائتمان لفترة معينة حيث أن الحكومة قد حلت محله .
-منع الدعم : إنه من المستحيل أن تراقب أسعار كل سلعة عادة الحكومة ستقصر نفسها على مراقبة أسعار السلع المهمة فقط ، ومن هنا تقوم الحكومة بتحديد سعر ثابت للسلع الاستهلاكية دون سعر التكلفة على أن تتحمل فرق السعر و هذا الفرق يتمثل في الدعم و تقوم الحكومة بهذه السياسة من أجل حماية الطبقات و الفئات الاجتماعية من الغلاء .
المركز الجامعي برج بوعريريج
معهد العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير
و معهد العلوم الاقتصادية
من إعداد الطالبتان:
• الفوج : الرابع
•
السنة الجامعية
2008/2009
خطة البحث :
***المقدمة
المبحث الأول:مفاهيم أولية حول التضخم
المطلب الأول: تعريف التضخم
المطلب الثاني: أنواع التضخم
المطلب الثالث: أسباب التضخم
المطلب الرابع: آثار التضخم
المبحث الثاني: النظريات المفسرة للتضخم
المطلب الأول: النظرية التقليدية لكمية النقود كمفسر للتضخم
المطلب الثاني : النظرية الكنزية
المطلب الثالث: نظرية التضخم الناشئ عن دفع النفقة
المطلب الرابع: النظرية المعاصرة لكمية النقود كمفسر للتضخم
المبحث الثالث: سياسات معالجة التضخم
المطلب الأول: السياسة النقدية
المطلب الثاني: مزايا وعيوب السياسة النقدية
المطلب الثالث: السياسة المالية
***الخاتمة