كيف تؤثر أسعار الفائدة في الأسواق المالية؟
تعد أسعار الفائدة أداة مهمة من أدوات السياسة النقدية إلى جانب كل من نسبة الاحتياطي القانوني وعمليات السوق المفتوحة (بيع وشراء السندات الحكومية)، حيث يقوم المسؤولون عن السياسة النقدية بالتحكم في مستوى العرض النقدي من خلال رفع سعر الفائدة ورفع نسبة الاحتياطي القانوني وبيع السندات الحكومية عندما تكون السياسة انكماشية، ويقومون أيضا بخفض سعر الفائدة وخفض نسبة الاحتياطي القانوني وشراء السندات الحكومية عندما تكون السياسة توسعية.
ويبقى السؤال المهم: كيف يمكن لأسعار الفائدة أن تؤثر في الأسواق المالية؟ وإلى أي مدى يصل هذا التأثير؟
تتركز أهمية أسعار الفائدة في أنها تمثل تكلفة الفرصة البديلة للمستثمرين الاستراتيجيين في الأسواق المالية (الذين تشكل حصصهم في الغالب أكثر من 80% من القيمة الإجمالية لأي سوق مالية) حيث إنه في حال تجاوز سعر الفائدة متوسط ربحية الأسهم فإن هؤلاء المستثمرين الاستراتيجيين سيتحولون من السوق المالية إلى الودائع البنكية (ودائع مربوطة لأجل أو مرابحات إسلامية) ذات المخاطر المعدومة. أما في حال تجاوز متوسط ربحية الأسهم لمستوى سعر الفائدة فإن هؤلاء المستثمرين سيتحولون من الودائع البنكية إلى السوق المالية.
في السياق نفسه، تؤثر أسعار الفائدة في تكلفة التمويل سواء كانت تمويلا للشركات المدرجة في الأسواق المالية أو تمويلا بالهامش margin lending للعملاء، بحيث إنه كلما انخفضت أسعار الفائدة، تمكنت الشركات من تحقيق ربحية أعلى، وهذا بدوره يساعد أسعار الأسهم على الارتفاع بسبب انخفاض مكررات الربحية، كما أن انخفاض تكلفة التمويل يساهم في زيادة عمليات شراء الأسهم بالهامش من قبل المضاربين الذين يهمهم مضاعفة قوتهم الشرائية على المدى القصير.
من المنظور المصرفي الذي يعد أحد أهم القطاعات في الأسواق المالية، من المفترض أن أسعار الفائدة لا تؤثر في ربحية البنوك لأن هوامش الإقراض على العملاء وهوامش ودائع العملاء يجب أن تبقى ثابتة بغض النظر عن مستوى أسعار الفائدة (مرتفعة أو منخفضة).
إلا أن ما يحصل في الواقع هو أن هوامش الودائع تبقى ثابتة لكن هوامش الإقراض ترتفع عند انخفاض أسعار الفائدة وتنخفض عند ارتفاع هذه الأسعار، مما يعني أن ربحية البنوك من العمولات الخاصة ترتفع عند انخفاض أسعار الفائدة وتنخفض عند ارتفاع أسعار الفائدة.
النقطة الأخيرة تتعلق بتأثير أسعار الفائدة على أسعار صرف العملات، حيث إن رفع أسعار الفائدة يشجع عمليات الشراء على العملة مما يؤدي إلى رفع قيمتها أمام باقي العملات الرئيسية العالمية والعكس صحيح عند خفض أسعار الفائدة.
مثل هذه التذبذبات في أسعار الصرف، قد يكون لها انعكاسات إيجابية أو سلبية على ربحية الشركات المدرجة في الأسواق المالية، حيث يتركز التأثير في الشركات التي تعتمد على استيراد المواد الخام من الخارج وتلك التي تعتمد على تصدير مبيعاتها إلى الخارج.
*نقلا عن صحيفة "الأقتصادية" السعودية.